Wisal عضو نشط
عدد المساهمات : 43 نقاط : 111 تاريخ التسجيل : 10/12/2010
| موضوع: المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إدا لم يقصد به وجه الله السبت ديسمبر 11, 2010 12:17 am | |
| المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إدا لم يقصد به وجه اللهالإمام الألباني رحمه الله و اسكنه فسيح جنته [size=21][/size]
الحديث ( إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ ) . وسببه كما رواه أَبِو أُمَامَةَ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَالَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ قَالَ : ( فذكره ) . فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله عز وجل وفي ذلك يقول تعالى ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) الكهف 110 , فإذا كان هذا شأن المؤمن , فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله ؟ الجواب في قول الله تبارك وتعالى ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) الفرقان 23 . وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم , فإن الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم , بل يجازيهم عليها في الدنيا , وبذلك جاء النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَتةً يُعْطَى بِهَا [ وفي رواية : يثاب عليها الرزق فِي الدُّنْيَا ] , وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا ) . تلك هي القاعدة في هذه المسألة : أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعاً في الدنيا , فلا تنفعه حسناته في الآخرة , ولا يخفف عنه العذاب بسببها , فضلاً عن أن ينجو منه . ( تنبيه ) : هذا في حسنات الكافر الذي يموت على كفره , كما هو ظاهر الحديث , وأما إذا أسلم , فإن الله تبارك وتعالى يكتب له كل حسناته التي عمل بها في كفره , ويجازيه بها في الآخرة , وفي ذلك أحاديث كثيرة , كقوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كُلَّ حَسَنَةٍ كَانَ أَزْلَفَهَا )(1) الحديث . هذا , وقد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث الآتي : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ : ( لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ ) . وجوابنا على ذلك من وجهين أيضاً : الأول : أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها , إذ ليس فيه أن عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه , بل السبب شفاعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهي التي تنفعه . ويؤيد هذا الحديث التالي : عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ : ( نَعَمْ هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلَا أَنَا [ أي : شفاعته ] لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ ) . فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي شفاعته كما في الحديث قبله , وليس هو عمل أبي طالب , فلا تعارض حينئذ بين الحديث وبين القاعدة السابقة . ويعود أمر الحديث أخيراً إلى أنه خصوصية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها , حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك , مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال الله عز وجل . ( فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) المدثر 48 , ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء , ومن أحق بذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد الأنبياء عليهم جميعاً صلوات الله ؟ . والجواب الثاني : أننا لو سلمنا جدلاً أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع كفره به , فذلك مستثنى من القاعدة , ولا يجوز ضربها بهذا الحديث , كما هو مقرر في علم أصول الفقه , ولكن الذي نعتمده في الجواب إنما هو الأول لوضوحه , والله أعلم . | |
|