العالمان اللذان هزا التاريخ
أولاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة وهذه اول مشاركة لي في هذا المنتدى وأسأل الله العلي العظيم ان ينفعنا ...آمين .
واحب ان اشارك بهذا الموضوع الذي لا ادري هل تطرق له احد من قبل ام لا ؟؟
لكن ستكون المشاركة الأولى بإذن الله .
البيكريل و الكيوري
في الرابع من يوليو من عام 1934، خرجت من مصحة (سانسلومور) بسويسرا، نشرة طبية دوى صداها في العالم كله، لنقلها خبرا محزنا جاء فيه:
(أن السيدة ماري بيير كوري، توفيت مساء اليوم، بسبب إشعاعات الراديوم..).
قتلها الاكتشاف الذي قضت سنين حياتها من اجل أن تقدمه هدية للبشرية.
قصة هجرتها من بولندا إلى فرنسا أشبه بأحداث رواية بوليسية...
عرفت كوري بجديتها، وانكبابها المفرط على الدراسة، ولم تكن تعتني بصحتها.. وقد كان يغشى عليها أثناء الدراسة والعمل، مما دفع بشقيقتها لأن تقول لها يوما:(لن اسمح لك بعد اليوم أن تكوني وحدك في المعمل!! ماذا لو أغمي عليك، وفي يدك أنبوب به حامض الكبريتيك؟!! أليس هذا جنونا؟! هيا يا ماري اجمعي ثيابك، واصحبيني إلى منزلي لتقيمي معي(. فتجيبها : أرجوك، لا تطلبي مني أن اذهب معك، فأنا سأعيش في هذه الغرفة الصغيرة، لأنها تضم الأجهزة التي اجري بها تجاربي العلمية، رغم الرطوبة، والأجواء الملوثة.. آسفة يا كلوديا سأبقى في غرفتي مع كتبي ومعملي وأبحاثي(!!
البداية
تبدأ القصة عام 1896م عندما كان بيكريل يدرس التفسفر أي قدرة المواد على إشعاع الطاقة أو الضوء في الظلام بعد أن تتعرض لضوء إذ أن رونتجن الذي اكتشف الأشعة السينية من قبل بقليل كان يعتقد أن الأشعة السينية تكون فقط في المواد التي لها خاصية التفسفر وكان معروفاً أن الأشعة السينية يمكنها أن تنفذ من الورق وتؤثر في الألواح الفوتوغرافية وتحدث فيها غشاوة بمجرد السقوط عليها . فعرض بيكريل عينات من اليورانيوم النقي لأشعة الشمس ثم وضعها على ألواح فوتوغرافية ملفوفة في ورق أسود فوجد تكون غشاوة في الألواح الفوتوغرافية في جميع الحالات وبذلك سار الاعتقاد بأن اليورانيوم يشع الأشعة السينية وذات يوم اتخذ الأستاذ العالم عدته لأجراء بعض التجارب ولكن الشمس لم تستطع في ذلك اليوم بسبب الغيوم فزج بالألواح الفوتوغرافية واليورانيوم في الدرج ودام مغيب الشمس عدة أيام فقرر أن الألواح ربما لحقها القدم الذي يؤثر في صلاحيتها والاعتماد عليها ومع ذلك قام بتحميضها لمجرد أن يرى ما صارت إليه ولدهشته وجد تكون نفس الغشاوة التي سبق أن رآها في التجارب السابقة فبدا له كما لو كان اليورانيوم لا يحتاج للتعرض للضوء لإشعاع الطاقة وجرب عينات أخرى من اليورانيوم بنفس الطريقة فوجد أنها جميعاً تعطي الطاقة من باطنها حتى لو لم تزود بالطاقة من الخارج أطلق بيكريل على هذه الخاصية اسم النشاط الإشعاعي وقد سمى وحدتها بالبكريل (Bq) وهي عبارة عن تفكك بالثانية. وأخبر الباحثين الآخرين عنها بلهفة شديدة وسرعان ما سأل الناس عما إذا كان هناك مواد أخرى لها نفس الخاصية فبدأت الطالبة البولندية ماري سكلودوفسكا التي كانت تعمل وقتئذ في معمل بيكريل تدريس المواد الأخرى .
تحدٍ وإصرار
رغم الظروف الاجتماعية، والمادية، والنفسية، والتي كانت كلها تحاربها، إلا إنها لم تكن تشعر بتلك الحرب.. فحربها الحقيقية، كانت مع عدو آخر.. انه المرض.. ولكن أي مرض؟ لم تكن تعرف اسم العدو الذي أعلنت عليه حربها، فمنذ أول يوم دخلت فيه جامعة السوربون، وتحديدا في معمل باستير، الذي يقع في منطقة سان ميشيل، وهي تعيش في حالة من التقشف، لم تكن تشعر بالبرد، أو الجوع، كانت تكتب المعادلات والأرقام والملاحظات العلمية، بيد مرتعشة، وأصابع متجمدة.. وكانت تكتفي بالخبز، والزبد، والشاي.. كطعام لأيام، بل لأسابيع!! وبينما كانت تهم بدخول المعمل في احد الأيام.. سمعت من يقول لها:
(آنسة ـ كلودوفيسكى ـ أليس في رأسك غير العلم والمعمل، والأبحاث؟!).
فالتفتت نحو مصدر الصوت، وإذا هو الأستاذ بيير كوري، فأجابته: (نعم.. إن في رأسي بولندا.. بلدي التي اعشقها) فقال لها: )علمت انك تحتفظين في غرفتك بخريطة كبيرة لبولندا، هل تسمحين لي أن القي نظرة على هذه الخريطة؟!) .
أجابته: (لا مانع عندي.. ولكني أحذرك من الآن: فإن غرفتي قد لا تروق لك!!).
واصطحبته إلى غرفتها.. وقد فسَّر البعض ـ في ما بعد ـ أن الشابة البولندية، قد نصبت فخا للأستاذ الفرنسي، للحصول على جنسية بلده، وقدم هذا التفسير كواحد من الأدلة في قضية إقامتها (زوجة مهجورة)، على العالمة البروفيسورة الشهيرة مدام كوري تتهمها بالفجور، والانحراف الخلقي، واختطاف رجل متزوج!!
والعجيب.. انه رغم دلائل الفقر المدقع في غرفة ماري، فإن بيير كوري ابن الخامسة والثلاثين، قد وجدها غرفة رائعة بصاحبتها الشابة الرقيقة الخجول، والتي عرفت بترددها، وخوفها من الاقتراب من عالم الرجال !!
الزواج
وكثرت زيارات بيير كوري إلى غرفة ماري، كما كثرت معها الشائعات، إلى أن فاجأها يوما قائلا :
)ماري..!! أتمنى لو تقبلينني زوجا لك؟!.. ولا تقولي بعد كل ما بيننا انه طلب مفاجئ (.
فقالت :
)كلا .. يا بيير، لقد كنت أتوقع أن يكون ذلك الطلب محصلة نهائية للمعادلة.. حب من طرف!! وحب مماثل من طرف آخر.. المحصلة الزواج!!.. حسنا دعنا نسجل هذه المعادلة في الكراسة..!!(.فقال لها: )بل، سأكتبها بنفسي على خريطة بلادك(، ثم تناول القلم، وكتب: (الخميس 12 يوليو عام 1895، تزوجت ماري).
ثم سألها: (ما رأيك؟!).. أجابت وهي تكاد تطير من السعادة :(معادلة صحيحة.. لا ينقصها سوى التوثيق والإشهار، بعد أن تذهب إلى والديك، وتعلن عليهما الخبر..!!) .
المحاكمة !!
الجملة التي كتبها بيير كوري على خريطة بولندا، استخدمت في المحكمة ضد مدام كوري، على اعتبار أنها تتماشى مع الشائعات لأنه كتب يقول: (تزوجت)، وهي فعل ماض، استدلت عليه النيابة، بما أسمته بانحرافات مدام كوري، وتهتكها الخلقي قبل الزواج!!.. وكيفما كانت الحقيقة، فقد كان زواج بيير كوري من ماري، من انجح الزيجات بين العلماء.. رغم ما يشوبه من ملاحظات، وعدم تكافؤ!! فهي مهاجرة فقيرة، بلا هوية معترف بها من الحكومة الفرنسية، وفي أوراقها جملة تقول :(مهاجرة بولندية طلبت الجنسية الفرنسية، ولا يزال طلبها قيد البحث..).. بعض خصومها في محاكمتها، أنكر (الحب) الذي أدى إلى زواجها، وكانت مذكرة النيابة في مرافعتها بتلك القضية تقول :
لقد كان الهدف الحقيقي للبولندية من استضافة الأستاذ المرموق المرحوم بيير كوري في غرفتها المنعزلة في كلية العلوم ليلا، ودون رقيب، إنما هو خطة لاصطياد زوج تحصل من خلاله على الجنسية الفرنسية.. وبيير كوري.. كان يعمل في مجال الكيمياء، بينما البولندية، كان مجالها الكهرباء.. مجالان متنافران كقطبي مغناطيس.. ولكنها من اجل الاقتران بالرجل، نقلت نشاطها بالتدريج إلى مجال نشاطه .
ويوما بعد آخر، أخذت ماري تتفاعل مع مجالات دراسة زوجها (الكيمياء(، وكانت سعادة الزوج لا توصف، خاصة عندما رأى المحبوبة الصغيرة، وهي تجري تجارب ناجحة على أملاح اليورانيوم.. حيث أن مصدر النشاط الإشعاعي ما هو إلا جسم جديد دعي بالراديوم ولكنه قليل الوجود جــدا في خامـــات اليورانيوم وها هي تقترب اقترابا خطيرا ومدهشا، من الوصول الى (الراديوم) الذي استفادت البشرية كلها من إشعاعاته .
والذي يثير العجب جميع الأبحاث التي أدت إلى هذه النتيجة المدهشة قد تمت في ظروف مادية تدعو إلى الرثاء ، فالمختبر كان عبارة عن منبر بسيط ، شهور طويلة تمر عليها في المختبر الرطب، المعتم في الشتاء، والخانق في الصيف، وهي تعمل مرتدية تلك الملابس الرثة، الملوثة بالأحماض، ويحيط بها الدخان الكثيف من كل جانب.. تحرك على النار بعض المواد، بقطعة من الحديد.. وعندما تجلس وراء مكتبها في الليل، تكتب في مذكراتها :
)أجرب تقريبا كل المواد، التي أتوقع أن تصدر نشاطا إشعاعيا.. الحجرة مليئة بأوعية السوائل، والمحاليل، والرواسب.. لقد أجهدني حمل تلك الأوعية، وتحريك المواد المنصهرة.. غير أن كل جهد يهون إزاء النظرة الحانية الرقيقة من الحبيب.. بيير!!).
النجاح
وفي احد الأيام.. بينما كانت ماري منهمكة في تجاربها، لم تتمالك نفسها من الصراخ: «يا بيير.. يا بيير.. نجحنا يا بيير..».. فلما اقبل عليها مستفسرا.. قالت:
)انظر، ها هي عشرة جرامات من العنصر المشع.. انظر إليه، ما أجمله.. انه كالثلج..).( تعني الراديوم ).
وبعد أن حققا انتصارهما العلمي، وقف بيير أمام زملائه في كلية العلوم وبجانبه زوجته ماري.. ثم اخذ يشرح لهم طبيعة العنصر الجديد الذي تم اكتشافه.
وطار صيت ماري، وبيير كوري في العالم اجمع، وأخذت الهيئات العلمية، والأكاديمية تتنافس على تكريمهما.. وانهالت عليهما عروض كثيرة من الشركات الصناعية في أوروبا، وأمريكا، كما انهالت عليهما ألقاب الشرف العلمية..
وأصبح بيير كوري مرشحا لعمادة كلية العلوم في الجامعة، وفي عام 1903م منح بير وماري كوري جائزة نوبل في الفيزياء ، وقد أدت شهرتهما إلى تكوين شعبية كبيرة لكن ذلـك أتعبها بسرعة . وكتبت ماري في هذا الصدد ("أن الناس يعرقلون أعمالنا بقدر ما يستطيعون ، لكن منذ الآن وصاعدا قررت أن أكون شجاعة ولن أستقبل أي زائر ، لقد أتلفت حياتنا تلك الألقاب والعظمة ") .
ولكن الأقدار لعبت دورها.. فحين حاول بيير كوري عبور الشارع، داهمته عربة فسقط بين قوائم جوادين، وإذا بالعجلة الخلفية، تمر على جمجمته، فتناثر المخ العبقري على أحجار الشارع..!!
كتبت مدام كوري في مذكراتها :
)لقد عرضوا عليّ يا زوجي أن أخلفك في مقعدك بالجامعة، ولست ادري هل أصبت، أم أخطأت، لكن هدفي أن يبقى اسمك (كوري) رمزا للمحافل العلمية..!!)
ولكن ذلك أثار مشكلة ،إذ لأول مرة تستلم امرأة منصب الأستاذية في التعليم العالي. . واستمرت ماري في أبحاثها التي أهلتها مرة أخرى لنيل جائزة نوبل في الكيمياء , وتكون بذلك العالمة الوحيدة التي نالـت جائزة نوبل مرتين من أكاديمية استوكهولم . وخلال الحرب العالمية الأولى تخلت ماري عن أعمالها من أجل إقامة ( 220 ) مركزا ثابتا ومتحركا للفحص بواسطة أشعة اكس . وقد عملت ماري كوري طيلة ثلاثين عاما دون كلل أو ملل ، فقـد كانت تعمل بيدين عاريتين في تلك المادة التي تعتبر من أكثر المواد خطورة ، ولم تـق نفسها من الرصـاص وكما لا تهتـم بصحتها من الإشعاع ،فدمها غير طبيعي ، وجلد يديها مليء بالحروق والتقيح ، فضلا عن جفافه باستمرار.، كما قامت بإنشاء معهد الراديوم، ومعمل للأبحاث البيولوجية لدراسة مرض السرطان. وفي شهر أيار من عام1934م أصيبت بمرض سرطان الدم الخبيث الذي أقعدها شهرين في الفراش في سويسرا ، وأثنائها كتبت في مذكراتها التالي:
)زوجي بيير.. كم أتوق إلى أن ارقد بجوارك! فمتى يكون ذلك يا زوجي؟ فبعد أن حققت أمنيتك بإنشاء معهد لعلاج مرض السرطان، وأسست فيه معملا كبيرا ونظيفا تحقيقا لأمنيتك.. بت اشعر أنني سألحق بك، فأنا متعبة يا بيير)
وفي الرابع من يوليو من عام 1934، خرجت من مصحة (سانسلومور) بسويسرا، نشرة طبية دوى صداها في العالم كله، لنقلها خبرا محزنا جاء فيه:
(أن السيدة ماري بيير كوري، توفيت مساء اليوم، بسبب إشعاعات الراديوم..).
لها بنتان ايرين و ايف. اقتفت ايرين خطى والدتها ونالت وزوجها فريدريك جوليوت في عام 1935م جائزة نوبل في الكيمياء لإكتشافهما النشاط الإشعاعي الاصطناعي.
كرم الزوجان كوري بإطلاق الوحدة (كوري) لقياس النشاط الإشعاعي وكذلك أطلاق أسم (كوريوم) على عنصر الجديد ما بعد اليورانيوم وذلك تقديراً لجهودهما العلمية المميزة ولإخلاد ذكراهما .
و وحدة الكوري Ci عبارة عن النشاط الإشعاعي الذي يطلقة جرام واحد من الراديوم
وهناك عدة فروع لهذه الوحدة وهي كالتالي :
مللي كيوري mCi = 10 -3 كيوري
ميكرو كيوري μCi = 10 -6 كيوري
بيكو كيوري pCi = 10-9 كوري
أما البيكريل وهي وحدة على النظام العالمي ولها تفرعات كالتالي :
بكريل واحد 1 Bq = تفكك واحد في الثانية
كيلو بكريل 1 kBq = 10 3 تفكك في الثانية
ميغا بكريل 1 MBq = 10 6 تفكك في الثانية
جيجا بكريل 1 GBq = 10 9 تفكك في الثانية
تيرا بكريل 1 TBq = 10 12 تفكك في الثانية
الكوري وحدة مستعملة على النظام الانجليزي للوحدات وهي منتشرة الاستعمال على نطاق واسع في العالم.أما البيكريل فهو على النظام العالمي ومستعمل على نطاق واسع والعلاقة بينهما كالتالي :
1Ci = Bq 3.7 *1010